ماذا دهانا؟

بأي لون من الوان الكلام ابدأ حديثي وبأي شكل من اشكال التعبير استهل كتابتي وبأي لحن من الحان الحياة اصدر اصواتي ... فالصمت قتلنا!
فكم هي عظيمة المأساة وكم هي مُحزنةٌ صورُ البشر في المرآة... مرآةُ الحياة التي تعكس سلوكنا ووجودنا على هذا الكوكب الصغير .. كوكبٌ أهداه الله لنا لنسكنه ونعمره ونزينه كي تحلو حياتنا .. لا كي ندمره ونشوهه فنهلك اعمارنا.
أهو الزمان يغيرنا ام انفسنا تسيرنا ام عقولنا تشقينا... ام كلها جميعا؟!.
عجباً ثم عجبا لامرنا في هذا الزمان .. زمن التقدم والتكنولوجيا العصرية ... زمن المادية والانانية ... صحيحٌ اننا لم نتوقف للحظةِ عن جعل الحياة اسهل من ناحية المعيشة فطورنا تقنيات واخترعنا العديد من الماكينات وانشأنا المدن العملاقة والدول العظمى ... لكن بالمقابل ننحرف مع انحراف العالم الغربي الى الاتجاه السلبي . معايير العلمانية وسلوكيات الغربية اللاخلاقية طغت على مجتمعاتنا ... مجتمعات الاخاء والتعاون , مجتمعات العطاء والاخلاق والفضائل.. فاصبحت الاعمال بذلك سهلة الاداء والافعال الخلقية الحميدة باتت مجرد رجاء ... فماذا دهانا ؟ كي نستقبل عاصفة الغرب المغبرة .. ولم ندر لها ظهورنا فترجع من حيث اتت.؟ لكن مهلا ايها القلم .. اني ابصر بعيني جرة مليئة بالورود الملونة ... كلها انحنت عليها وكانها تضمها وتقول لها: لا تتركينا ايتها الجرة فنحن لن نموت بل هي مجرد غيبوبة ذبلٍ وبقطرة ماء نعود للحياة .. وتتوسطها وردة شامخة يبدو عليها قليل من الغبار تيجانها البيضاء تتمايل يمنة ويسرة كلما لامستها نسمة هوى ولكن للاسف يبدو انها في بداية الانكماش .. اوراق سيقانهاالتي يشع منها لون التفاؤل والحياة والامل يميل قليلا قليلا للاصفرار ... ولكن فاجأني ساقها الذي ليس كاي ساق زهرة رأيتها على الاطلاق كم هو ثابت وراسخ لا تشوبه شائبة ولا تحركة اي عاصفة .. اطرقت في التفكير قليلا وسرعان ما تبين لي انه ساق الانسانية التي خلقنا الله عليها لذا فلن تتغير وتتحول لاي شي اخر . اما الوردة فكلها ترمز للشعور بالانسانية هذه الصفة السامية قبل كل الصفات ... تولد مع الانسان منذ اولى اللحظات... وتغرس في قلبه من اول الدقات ... فتميزه عن باقي المخلوقات وتجعل منه فئة مستقلة من الكائنات... بدونها يكن الانسان كالجماد والحياة كالرماد ... تهب ريحاً فتبعثره هنا وهناك وتبدل ازهار الحياة بالاشواك ... فعلينا العناية بعطية الله لنا هذه .. فالجرة هي حياة الانسان والزهور هي صفاته والزهرة الفريدة انسانيته ... فلننميها ولنعش الحياة كما تحلو بحدود الشرع والدين لان الحياة حلوة فماذا دهانا لنجعلها مرة؟ ...
دعونا نمسح دموع اليتامى .. ونوقف نزيف قلوب من تجرعوا مرارة الحروب ... ونمنح الحب لكل موجود ... كل هذا بالتعاون على المحبة والعطاء ... فلكل بداية نهاية .. ونهاية الحياة الموت فلنعشها قبل الممات ... ولنعشها بكل لحظة حبٍّ واخلاصٍ كي لا نلبس ثوب الندم على زلة القدم يوم العرض الذي سيذكرنا باننا حقا مخلوقون من عدم. فماذا يا ترى دهانا
.!!