لا تخفى على أحد أهمية الرضاعة الطبيعية لصحة الأم والطفل، فهي تمنح الطفل الرضيع دعما غذائيا ومناعيا وفيرا وتحميه من أسوأ حالات الكوارث.
وتتمثل الكوارث في أشكال مختلفة، منها الكوارث الطبيعية كالفيضانات والجفاف والزلازل، ومنها كوارث يسببها الإنسان مثل الحروب، ومنها أيضا تفشي الأوبئة مثل إنفلونزا الخنازير «إيه ـ إتش 1 إن 1».
وبمناسبة أسبوع الرضاعة الطبيعية العالمي، تحدثت لـ«صحتك» الدكتورة منال محمد خورشيد استشارية طب أسرة ومنسقة برنامج الرضاعة الطبيعية بصحة جدة، موضحة أن هناك حالات مختلفة تنتج عن الكوارث، من أهمها سوء تغذية الرضيع، وزيادة حالات التلوث الغذائي، وارتفاع نسبة الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي، والإصابة بالأمراض المعدية مثل النزلات المعوية، ونتيجة للإسهال قد تتفاقم حالة الرضيع فيصاب بالجفاف ومن ثم الوفاة.
وتنتج هذه المشكلات، غالبا، بسبب انقطاع الإمدادات الغذائية وعدم توفر الماء النقي المعقم اللازم لإعداد الرضعات الصناعية وتنظيف أدوات الرضاعة الصناعية مثل القوارير والمصاصات، كما أنه خلال الكوارث يحدث خلل وانهيار في الخدمات الصحية مما يزيد تعرض الأطفال الذين لا يرضعون من الثدي رضاعة طبيعية لخطر الأمراض وارتفاع نسبة الوفيات.
* الرضاعة أثناء الكوارث
* وتضيف د. خورشيد أن ما يزيد الطين بلّة، خلال الكوارث، الإمدادات التي تقوم بتوزيعها شركات الحليب والأغذية التكميلية من ألبان صناعية وزجاجات رضاعة على الأمهات المرضعات من الثدي دون ضرورة ملحة، حيث إن كميات هائلة من مساحيق الألبان الصناعية توزع في المناطق المنكوبة كتبرعات نتيجة لنداءات الاستغاثة التي تقوم بها وسائل الإعلام المختلفة أو وكالات المساعدات الإنسانية أو الحكومات، وبذلك تقوم الأمهات بإرضاع أطفالهن بهذه المنتجات الصناعية، في حين أن بإمكانهن إرضاع أطفالهن طبيعيا من الثدي، مما يؤدي ودون مبرر إلى كثرة إصابة الأطفال الرضع بالإمراض والوفيات المتعددة في حين كان من الممكن تجنبها.
وإذا رجعنا إلى المدونة الدولية لتسويق بدائل لبن الأم نجد بها تحذيرات من أن خطر استخدام الحليب الصناعي في أثناء الكوارث أشد ضررا من الكارثة نفسها على الطفل الرضيع.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بضرورة الاستمرار بالإرضاع من الثدي في حالة وقوع الكوارث حتى عمر سنتين على الأقل، بالإضافة إلى توفير التغذية المأمونة للرضيع.
نلاحظ أن الدور الإعلامي كبير وهام جدا في وقاية الرضع من الرضاعة الصناعية ومن ثم وقايتهم من الأمراض وحالات الوفاة، فيجب عدم التسويق وطلب التبرع بالألبان الصناعية للمناطق المنكوبة عن طريق وسائل الإعلام، بل يجب على الممثلين لوكالات المساعدات الإنسانية الحكومية توجيه هذه الطلبات عن طريق اليونيسيف لتوضيح كيفية توفير وإمداد وتوزيع الألبان الصناعية بطرق ملائمة بدلا من توزيعها بطرق عشوائية.
وعلى الرغم من تعرض الأمهات المرضعات للضغط النفسي والجسدي في أثناء الطوارئ، فإنهن قادرات على الإرضاع من الثدي بنجاح.
* حماية الرضيع
* كيف يمكن حماية الرضع في أثناء حالات الكوارث المختلفة؟ إن ذلك ممكن بتقديم الدعم والمساعدة العملية للأمهات المرضعات رضاعة طبيعية وتشجيعهن على الاستمرار على الإرضاع من الثدي، وتشجيع الأمهات اللواتي توقفن عن الإرضاع من الثدي، عدم توزيع الألبان الصناعية بطرق عشوائية، وتوزع فقط على الأطفال الذين لا يستطيعون الرضاعة من الثدي، فهنا يجب إمدادهم بالحليب الصناعي وأدوات الرضاعة الصناعية وتعليمهم كيفية إعدادها تحت إشراف دقيق.
ويمكن في حالة تعرض الأم المرضع لمرض أو أي خطر نتيجة الحالة الطارئة توفير أم مرضع أخرى. ويجب تثقيف من تقوم برعاية الرضيع مع متابعة صحته العامة، كما يفضل في حالة ما احتاج الرضيع إلى الحليب الصناعي عدم استخدام زجاجات الرضاعة، بل استبدالها بالرضاعة بالكوب أو الملعقة.
ولا يخفى أن الرضاعة الطبيعية تحد من خطر الإصابة بالعدوى والالتهابات والتي من ضمنها التهابات الجهاز التنفسي، وحسب توصيات الأكاديمية الطبية للرضاعة من الثدي، فإن للرضاعة الطبيعية دورا قويا وفعالا بإنفلونزا الخنازير.
* توصيات أثناء الإنفلونزا
* كما توصي الأكاديمية جميع الأطباء بدعم الرضاعة الطبيعية في أثناء تفشي وباء إنفلونزا الخنازير حتى إذا كانت الأم مصابة بإنفلونزا الخنازير، لأن احتمالية إصابة الرضيع بفيروس إنفلونزا الخنازير موجودة غالبا قبل ظهور الأعراض على الأم، والاستمرارية في الرضاعة من الثدي تقلل من حدة أعراض الإنفلونزا لدى الرضيع نظرا لحصول الرضيع على أجسام مضادة من حليب الثدي. لذا يجب على كل أم المبادرة بالإرضاع من الثدي بعد الولادة مباشرة والاستمرارية عليها وزيادة عدد الرضعات من الثدي.
وفي حالات الإعياء الشديد للرضيع وعدم قدرته على الرضاعة مباشرة من الثدي يجب اعتصار لبن الأم من الثدي وإعطائه للرضيع إما عن طريق الكوب أو الملعقة أو الأنبوب الأنفي المعدي، كما أن استخدام المضادات للفيروس مثل «تامي فلو» من قبل الأم المرضع لا يمنع استمرار الرضاعة الطبيعية من الثدي.
* خطر عدوى الرضيع بإنفلونزا الخنازير
* من التوصيات الضرورية للأم المرضع لحماية الرضيع من خطر عدوى إنفلونزا الخنازير يجب اتباع التالي:
ـ الحرص على غسل يد الأم والرضيع بالماء والصابون جيدا، خصوصا إذا وضع الرضيع يده في فمه.
ـ الحرص على جعل الطفل قريبا من أمه بدرجة كبيرة مع الحرص على المبادرة بالرضاعة المبكرة بعد الولادة مباشرة خلال نصف الساعة الأولى مع تلامس جلد الأم بجلد الرضيع مباشرة مما يزيد مناعته.
ـ تجنب تعريض الرضيع للزحام مثل اصطحابه في الأسواق والأماكن العامة.
ـ ارتداء الكمامات لتغطية الفم والأنف لمن يخالطون الرضيع ولديهم أعراض إنفلونزا.
ـ الحد من مشاركة الرضع خصوصا في الحضانات بالألعاب التي قد يضعها الطفل بفمه مثل اللاهيات والعضاضات، وفي حالة إدخالها في الفم يجب غسلها جيدا بالماء والصابون.
ـ يجب عند العطس أو السعال تغطية الفم والأنف بمناديل واقية لمنع انتشار العدوى.