احمد غريب .
عدد المساهمات : 205 تاريخ الميلاد : 21/12/1960 تاريخ التسجيل : 24/09/2009
العمر : 63 العمل/الترفيه : مدرس ثانوى المزاج : يعنى . :
| موضوع: فضل العشر الاوائل من ذى الحجة 2009-11-09, 1:28 am | |
| السلام عليكم ورحمه الله وبركاتهفإن من فضل الله أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيهامن العمل الصالح ، ومن هذه المواسم عشر ذي الحجة * فضل الأيام العشر := أولاً / في القرآن الكريم :وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآنالكريم ، ومنها قوله تعالى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاًوَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآيتان 27 -28 ) . حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله : " عن ابنعباس رضي الله عنهما : الأيام المعلومات أيام العشر " ( ابن كثير ،1413هـ ، ج 3 ، ص 239 ) . كما جاء قول الحق تبارك وتعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورةالفجر : الآيتان 1 – 2 ) . وقد أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذهالآية قوله : " وقوله : " وَلَيَالٍ عَشْرٍ " ، هي ليالي عشر ذي الحجة ،لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه " ( الطبري ، 1415هـ ، ج 7 ،ص 514 ) .وأكد ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله : " والليالي العشرالمراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهدوغير واحدٍ من السلف والخلف " ( ابن كثير ، 1414هـ ، ج 4 ، ص535 ) . وهنا يُمكن القول : إن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاءصريحاً في القرآن الكريم الذي سماها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها.= ثانياً / في السنة النبوية :ورد ذكر الأيام العشر من ذي الحجة في بعض أحاديث الرسول صلىالله عليه وسلم التي منها : الحديث الأول : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال : يقولرسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيامٍ العمل الصالح فيهاأحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( يعني أيامَ العشر ) . قالوا : يا رسولالله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء " ( أبو داود ،الحديث رقم 2438 ، ص 370 ) . الحديث الثاني : عن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" إن العشرَ عشرُ الأضحى ، والوترُ يوم عرفة ،والشفع يوم النحر "( رواه أحمد ، ج 3 ، الحديث رقم 14551 ، ص 327 ).الحديث الثالث : عن جابر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيامَ عشر ذيالحجة ". قال : فقال رجلٌ : يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداًفي سبيل الله ؟ قال : " هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله" ( ابن حبان ، ج 9 ، الحديث رقم 3853 ، ص 164 ) .الحديث الرابع : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من عملٍ أزكى عند الله ولا أعظم أجراًمن خيرٍ يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهادُ في سبيل الله؟ . قال : " ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء . قال وكان سعيد بن جُبيرٍ إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه " ( رواه الدارمي ، ج 2 ، الحديث رقم 1774 ، ص 41 ).الحديث الخامس : عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعني عشر ذي الحجة ". قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ . قال " ولا مثلهن فيسبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب " (رواه الهيثمي ، ج 4 ، ص17 ).وهنا يمكن القول : إن مجموع هذه الأحاديث يُبيِّن أن المُراد بالأيام العشر تلك الأيام العشرة الأُولى من شهر ذي الحجة المُبارك . * خصائص الأيام العشر :للأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة ، نذكرُ منها مايلي : (1) أن الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه الكريم فقال عز وجل : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 -2 ).ولاشك أن قسمُ الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها .(2) أن الله تعالى سماها في كتابه " الأيام المعلومات " ، وشَرَعَ فيهاذكرهُ على الخصوص فقال سبحانه : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28 ) ، وقد جاء في بعض التفاسير أنالأيام المعلومات هي الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة .(3) أن الأعمال الصالحة في هذه الأيام أحب إلى الله تعالى منها فيغيرها؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليهالعمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتهليلوالتحميد " ( رواه أحمد ، مج 2 ، ص 131 ، الحديث رقم 6154 ).(4) أن فيها ( يوم التروية ) ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه أعمال الحج . (5) أن فيها ( يوم عرفة ) ، وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام ، وله فضائل عظيمة ، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها ، ويوم العتق من النار ، ويوم المُباهاة فعن أم المؤمنين عائشة -رضي اللهعنها-أنها قالت : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما منيومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيع عبداً من النار ، من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة ، فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ " ( رواهمسلم ، الحديث رقم 3288 ، ص 568 ). (6) أن فيها ( ليلة جَمع ) ، وهي ليلة المُزدلفة التي يبيت فيهاالحُجاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة .(7) أن فيها فريضة الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام .(8) أن فيها ( يوم النحر ) وهو يوم العاشر من ذي الحجة ، الذي يُعدأعظم أيام الدُنيا كما روي عن عبد الله بن قُرْط عن النبي صلى اللهعليه وسلم أنه قال : " إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر ، ثم يوم القَرِّ " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 1765 ، ص 271 ) .(9) أن الله تعالى جعلها ميقاتاً للتقرُب إليه سبحانه بذبح القرابينكسوق الهدي الخاص بالحاج ، وكالأضاحي التي يشترك فيها الحاجمع غيره من المسلمين .(10) أنها أفضل من الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان ؛ لما أوردهشيخ الإسلام ابن تيمية وقد سئل عن عشر ذي الحجة والعشرالأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟ فأجاب : " أيام عشر ذي الحجةأفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضانأفضل من ليالي عشر ذي الحجة " ( ابن تيمية ، ................... ) . (11) أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله : " والذي يظهر أنالسبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره" ( فتح الباري ، .......................) .(12) أنها أيام يشترك في خيرها وفضلها الحُجاج إلى بيت الله الحرام، والمُقيمون في أوطانهم لأن فضلها غير مرتبطٍ بمكانٍ مُعينٍ إلاللحاج . * بعض العبادات و الطاعات المشروعة في الأيام العشر : مما لاشك فيه أن عبادة الله تعالى والتقرب إليه بالطاعات القولية أوالفعلية من الأمور الواجبة والمطلوبة من الإنسان المسلم في كلوقتٍ وحين ؛ إلا أنها تتأكد في بعض الأوقات والمناسبات التي منهاهذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة ، حيث أشارت بعض آياتالقرآن الكريم والأحاديث النبوية إلى بعض تلك العبادات على سبيلالاستحباب ، ومن ذلك ما يلي := الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريملقوله تبارك و تعالى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28).ولما حث عليه الهدي النبوي من الإكثار من ذكر الله تعالى في هذهالأيام على وجه الخصوص ؛ فقد روي عن عبد الله بن عمر – رضيالله عنهما – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مامن أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيامالعشر ، فأكثروا فيهن من التكبير ، والتهليل ، والتحميد " ( أحمد ،مج 2 ، ص 131 ، الحديث رقم 6154 ) .وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض السلف كانوا يخرجون إلى الأسواقفي هذه الأيام العشر ، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم ، ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر الله تعالى سواءً عقبالصلوات ، أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها .كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها . = الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله تعالىإذ إن " النوافل تجبر ما نقص من الفرائض ، وهي من أسباب محبة اللهلعبده وإجابة دعائه ، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادةالحسنات " ( عبد الله بن جار الله ، 1410هـ ، ص 181 ) .وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار منها قولاً وعملاً ،وهو ما يؤكده الحديث الذي روي عن ثوبان رضي الله عنه أنه قال :سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " عليكبكثرة السجود لله ؛ فإنّك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً ،وحطَّ عنك بها خطيئةً " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 1093 ، ص202). = ذبح الأضاحي لأنها من العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في يوم النحر أو خلال أيام التشريق ،عندما يذبح القُربان من الغنم أو البقر أو الإبل ، ثم يأكل من أُضحيتهويُهدي ويتصدق ، وفي ذلك كثيرٌ من معاني البذل والتضحية والفداء، والاقتداء بهدي النبوة المُبارك . = الإكثار من الصدقات المادية والمعنوية :لما فيها من التقرب إلى الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه سبحانهعن طريق البذل والعطاء والإحسان للآخرين ، قال تعالى : { مَنْ ذَاالَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } ( سورةالحديد :الآية 11) . ولما يترتب على ذلك من تأكيد الروابط الاجتماعية في المجتمع المسلم من خلال تفقد أحوال الفقراءوالمساكين واليتامى والمُحتاجين وسد حاجتهم . ثم لأن في الصدقةأجرٌ عظيم وإن كانت معنويةً وغير مادية فقد ورد في الحديث عنالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " على كل مُسلمٍ صدقة " .فقالوا : يا نبي الله ! فمن لم يجد ؟ قال : " يعمل بيده فينفع نفسهويتصدق " . قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : " يُعين ذا الحاجة الملهوف " .قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : " فليعمل بالمعروف وليُمسك عن الشر فإنها له صدقةٌ " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 1445 ، ص 233 ) . = الصيام لكونه من أفضل العبادات الصالحة التي على المسلم أنيحرص عليها لعظيم أجرها وجزيل ثوابها، ولما روي عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيامالمُباركة ؛ فقد روي عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواجالنبي صلى الله عليه وسلم قالت : " كان رسول الله صلى الله عليهوسلم يصوم تسعَ ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيامٍ من كُلِشهر ، أول اثنين من الشهر والخميس " ( رواه أبو داود ، الحديثرقم 2437 ، ص 370 ) . وليس هذا فحسب فالصيام من العبادات التي يُتقرب بها العباد إلىالله تعالى والتي لها أجرٌ عظيم فقد روي عن أبي قتادة الأنصاريرضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوميوم عرفة فقال : " يُكفِّر السنة الماضية والباقية " ( رواه مسلم ،الحديث رقم 2747 ، ص 477 ) .= قيام الليل لكونه من العبادات التي حث النبي صلى الله عليهوسلم على المُحافظة عليها من غير إيجاب، ولأنها من العبادات التي تُستثمر في المناسبات على وجهالخصوص كليالي شهر رمضان المُبارك ، وليالي الأيام العشر ونحوها.ثم لأن قيام الليل من صفات عباد الرحمن الذين قال فيهم الحقسبحانه : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } ( سورة الفرقان :الآية 64) . لأنهم يستثمرون ليلهم في التفرغ لعبادة اللهتعالى مُصلين مُتهجدين ذاكرين مُستغفرين يسألون الله تعالى منفضله ، ويستعيذونه من عذابه . = أداء العمرة لما لها من الأجر العظيم ولاسيما في أشهر الحجحيث إن عُمرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في أشهر الحج ،ولما ورد في الحث على الإكثار منها والمُتابعة بينها فعن أبي هريرةرضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العُمرةُإلى العُمرةِ كفارةٌ لما بينهما " ( رواه البُخاري ، الحديث رقم 1773 ،ص 285 ) . = زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة وهي من الأعمالالصالحة المُستحبة للمسلملعظيم أجر الصلاة في المسجد النبوي الذي ورد أن الصلاة فيه خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" صلاةٌ في مسجدي هذا ، خيرُ من ألف صلاةٍ في غيره من المساجد ؛ إلا المسجد الحرام " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 3375 ،ص 583 ) . ولما يترتب على زيارة المسلم للمسجد النبوي منفرصة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي اللهعنهما والسلام عليهم وما في ذلك من الأجر والثواب . = التوبة والإنابة إلى الله تعالى إذ إن مما يُشرع في هذه الأيام المباركة أن يُسارع الإنسان إلى التوبة الصادقة وطلب المغفرة من اللهتعالى، وأن يُقلع عن الذنوب والمعاصي والآثام ، ويتوب إلى الله تعالى منهاطمعاً فيما عند الله سبحانه وتحقيقاً لقوله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ( سورة النور : من الآية 31 ) .ولأن التوبة الصادقة تعمل على تكفير السيئات ودخول الجنة بإذن اللهتعالى لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له . * بعض الدروس التربوية المستفادة من أحاديث فضل الأيام العشر :(1) التنبيه النبوي التربوي إلى أن العمل الصالح في هذه الأيامالعشرة من شهر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله تعالى منه فيغيرها ، وفي ذلك تربيةٌ للنفس الإنسانية المُسلمة على الاهتمامبهذه المناسبة السنوية التي لا تحصل في العام إلا مرةً واحدةً ،وضرورة اغتنامها في عمل الطاعات القولية والفعلية ، لما فيها منفرص التقرب إلى الله تعالى ، وتزويد النفس البشرية بالغذاء الروحيالذي يرفع من الجوانب المعنوية عند الإنسان ، فتُعينه بذلك علىمواجهة الحياة .(2) التوجيه النبوي التربوي إلى أن في حياة الإنسان المسلم بعض المناسبات التي عليه أن يتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً يمكن تحقيقه بتُغيير نمط حياته ، وكسر روتينها المعتاد بما صلُح من القول والعمل ،ومن هذه المناسبات السنوية هذه الأيام المُباركات التي تتنوع فيها أنماط العبادة لتشمل مختلف الجوانب والأبعاد الإنسانية . (3) استمرارية تواصل الإنسان المسلم طيلة حياته مع خالقه العظيممن خلال أنواع العبادة المختلفة لتحقيق معناها الحق من خلال الطاعة الصادقة ، والامتثال الخالص . وفي هذا تأكيدٌ على أن حياةالإنسان المسلم كلها طاعةٌ لله تعالى من المهد إلى اللحد ، وفيهذا الشأن يقول أحد الباحثين : " فالعبادة بمعناها النفسي التربويفي التربية الإسلامية فترة رجوعٍ سريعةٍ من حينٍ لآخر إلى المصدرالروحي ليظل الفرد الإنساني على صلةٍ دائمةٍ بخالقه ، فهي خلوةٌ نفسيةٌ قصيرةٌ يتفقد فيها المرء نفسيته صفاءً وسلامةً " ( عبد الحميدالهاشمي ، 1405هـ ، ص 466 ) . (4) شمولية العمل الصالح المتقرب به إلى الله عز وجل لكل ما يُقصدبه وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته ، سواءً أكان ذلك قولاً أم فعلاً ، وهوما يُشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم " العمل الصالح " ؛ ففيالتعريف بأل الجنسية عموميةٌ وعدم تخصيص ؛ وفي هذا تربيةٌ علىالإكثار من الأعمال الصالحة ، كما أن فيه بُعداً تربوياً لا ينبغي إغفالهيتمثل في أن تعدد العبادات وتنوعها يُغذي جميع جوانب النمو الرئيسة ( الجسمية والروحية والعقلية ) وما يتبعها من جوانب أُخرىعند الإنسان المسلم . (5) حرص التربية الإسلامية على فتح باب التنافس في الطاعاتحتى يُقبِل كل إنسان على ما يستطيعه من عمل الخير كالعباداتالمفروضة ، والطاعات المطلوبة من حجٍ وعمرةٍ ، وصلاةٍ وصيامٍ ، وصدقةٍ وذكرٍ ودعاءٍ ...الخ . وفي ذلك توجيهٌ تربويُ لإطلاق استعداداتالفرد وطاقاته لبلوغ غاية ما يصبو إليه من الفوائد والمنافع والغاياتالأُخروية المُتمثلة في الفوز بالجنة ، والنجاة من النار . (6) تكريم الإسلام وتعظيمه لأحد أركان الإسلام العظيمة وهو الحج كنسكٍ عظيمٍ ذي مضامين تربوية عديدة تبرزُ في تجرد الفرد المسلممن أهوائه ودوافعه المادية ، وتخلصه من المظاهر الدنيوية ، وإشباعهللجانب الروحي الذي يتطلب تهيئةً عامةً ، وإعدادًا خاصاً تنهض به الأعمال الصالحات التي أشاد بها المصطفى صلى الله عليه وسلمفي أحاديث مختلفة ، لما فيها من حُسن التمهيد لاستقبال أعمالالحج ، والدافع القوي لأدائها بشكلٍ يتلاءم ومنـزلة الحج التي -لاشك –أنها منـزلةٌ ساميةٌ عظيمة القدر . (7) تربية الإنسان المسلم على أهمية إحياء مختلف السُنن والشعائرالدينية المختلفة طيلة حياته ؛ لاسيما وأن باب العمل الصالح مفتوحٌ لا يُغلق منذ أن يولد الإنسان وحتى يموت انطلاقاً من توجيهات النبوةالتي حثت على ذلك ودعت إليه . وليس هذا فحسب ؛ فهذه الأيام العظيمة زاخرةٌ بكثيرٍ من الدروسوالمضامين التربوية ، التي علينا جميعاً أن نُفيد منها في كل جزئيةٍمن جزئيات حياتنا ، وأن نستلهمها في كل شأن من شؤونها ، واللهنسأل التوفيق والسدّاد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد . | | | | |
| |
|