الجزء الاول : مدينة مصر كانت عاصمة البلاد:
وبما أن مستقر الملك كان في (مدينة مصر) سواء كان في عهد يوسف عليه السلام، أو عهد موسى عليه السلام، فإن كان الملوك يقيمون في عاصمة البلاد، فهذا يدل على أن مصر كان عاصمة البلاد في ذاك الزمان. أي أن سلطان الملك كان ممتدا إلى مدن أخرى خلاف مدينة، وهي ما أطلق عليها القرآن الكريم (الْمَدَآئِنِ) جمع مدينة، وهي خلاف مدينة (المدائن) التاريخية عاصمة الساسانيين والتي تقع على بعد بضعة كيلومترات جنوب شرق بغداد. فكل هذه المدائن في مجموعها تشكل الدولة التي كان يحكمها الملك، بينما مصر كانت هي عاصمة مدائن المملكة حين ذاك:
ـ قال تعالى: (قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ) [الأعراف: 111، 112].
ـ قال تعالى: (قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ) [الشعراء: 36، 37].
أما حينما أسرى موسى بقومه، فإن فرعون خشي من اتساع دائرة المؤمنين، وأن يمتد الخروج عليه في المدائن الأخرى. فقد أرسل فرعون رسله في المدائن، يحشرون الناس ويحذرونهم أجمعين من فعل موسى وقومه، ويصورون لهم أن موسى وقومه مجرد شرذمة قليلون خارجون على فرعون، وأنهم تسببوا في شدة غضبه، قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ * فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلاَء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ) [الشعراء: 53: 56]. والغيظ وهو أشد من الغضب، فيه تحذير من فرعون لأهل المدائن جميعا، أن سيحيق بهم غضب فرعون وبطشه، إن هم اتبعوا موسى، أو مدوا له ولقومه يد العون، أو حاولوا الخروج معهم واللحاق بهم.
من ينفي وجود مدينة تسمى "مصر" فقد أفتى بغير علم ولا سلطان مبين .. واتبع الأقوال الرائجة التي أشاعها التوراتيين من خلال الإعلام الضال المضلل .. فإن كانت قد تغير اسمها مع الزمن .. أو تم الحجر عليها أثريا بفعل الحكومات فهذا لا ينفي أن المؤرخين ذكروها في كتبهم
وفي لسان العرب ما يثبت أن هناك مدينة تسمى "مصر" وإن لم يبين حدودها وموقعها إلا أنه أثبت انها مدينة وليست دولة .. وسوف أنقل فيما بعد ما يشير إلى موقع مدينة مصر
يقول ابن منظور: الجوهري: مِصْر هي المدينة المعروفة، تذكر وتؤنث؛ عن ابن السراج. والمِصْر: واحد الأَمْصار. والمِصْر: الكُورَةُ، والجمع أَمصار. ومَصَّروا الموضع: جعلوه مِصْراً. وتَمَصَّرَ المكانُ: صار مِصْراً. ومِصْرُ: مدينة بعينها، سميت بذلك لتَمَصُّرِها، وقد زعموا أَن الذي بناها إِنما هو المِصْرُ بن نوح، عليه السلام؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذاك، وهي تُصْرفُ ولا تُصْرَفُ. قال سيبويه في قوله تعالى: اهْبِطُوا مِصْراً؛ قال: بلغنا أَنه يريد مِصْرَ بعينها. التهذيب في قوله: اهبطوا مصراً، قال أَبو إِسحق: الأَكثر في القراءَة إِثبات الأَلف، قال: وفيه وجهان جائزان، يراد بها مصرٌ من الأَمصار لأَنهم كانوا في تيه، قال: وجائز أَن يكون أَراد مِصْرَ بعينها فجعَلَ مِصْراً اسماً للبلد فَصَرفَ لأَنه مذكر، ومن قرأَ مصر بغير أَلف أَراد مصر بعينها كما قال: ادخلوا مصر إِن شاء الله، ولم يصرف لأَنه اسم المدينة، فهو مذكر سمي به مؤنث.
وقال الليث: المِصْر في كلام العرب كل كُورة تقام فيها الحُدود ويقسم فيها الفيءُ والصدَقاتُ من غير مؤامرة للخليفة. وكان عمر، رضي الله عنه، مَصَّر الأَمصارَ منها البصرة والكوفة. الجوهري: فلان مَصَّرَ الأَمْصارَ كما يقال مَدّن المُدُنَ، وحُمُرٌ مَصارٍ. ومَصارِيُّ: جمع مَصْرِيٍّ؛ عن كراع؛ وقوله: وأَدَمَتْ خُبْزِيَ مِنْ صُيَيْرِ، من صِيرِ مِصْرِينَ أَو البُحَيْرِ أَراه إِنما عنى مصر هذه المشهورة فاضطر إِليها فجمعها على حدّ سنين؛ قال ابن سيده: وإِنما قلت إِنه أَراد مصر لأَن هذا الصِّيرَ قلما يوجد إِلا بها وليس من مآكل العرب؛ قال: وقد يجوز أَن يكون هذا الشاعر غَلِطَ بمصر فقال مِصْرينَ، وذلك لأَنه كان بعيداً من الأَرياف كمصر وغيرها، وغلطُ العربِ الأَقْحاح الجُفاةِ في مثل هذا كثير، وقد رواه بعضهم من صِيرِ مِصْرَيْن كأَنه أَراد المِصْرَيْنِ فحذف اللام.
والمِصْران: الكوفةُ والبصْرةُ؛ قال ابن الأَعرابي: قيل لهما المصران لأَن عمر، رضي الله عنه، قال: لا تجعلوا البحر فيما بيني وبينكم، مَصِّروها أَي صيروها مِصْراً بين البحر وبيني أَي حدّاً. والمصر: الحاجز بين الشيئين. وفي حديث مواقيت الحج: لمَّا قُتِحَ هذان المِصْرانِ؛ المِصْر: البَلَد، ويريد بهما الكوفةَ والبَصْرَةَ. والمِصْرُ: الطِّينُ الأَحْمَرُ. وثوب مُمَصَّرٌ: مصبوغ بالطين الأَحمر أَو بحُمْرة خفيفة. وفي التهذيب: ثَوْب مُمَصَّرٌ مصبوغ بالعِشْرِقِ، وهو نبات أَحْمَرُ طيِّبُ الرائِحَةِ تستعمله العرائس؛ وأَنشد:مُخْتلِطاً عِشْرِقُه وكُرْكُمُهْ أَبو عبيد: الثياب المُمَصَّرَةُ التي فيها شيء من صفرة ليست بالكثيرة. وقال شمر: المُمَصَّرُ من الثياب ما كان مصبوغاً فغسل. وقال أَبو سعيد: التَّمْصِيرُ في الصَّبْغِ أَن يخرج المَصْبُوغُ مُبَقَّعاً لم يُسْتَحْكْم صَبْغُه. والتمصير في الثياب: أَن تَتَمَشَّقَ تَخَرُّقاً من غيرِ بلى. وفي حديث عيسى، عليه السلام: ينزل بين مُمَصَّرَتَيْن؛ المُمَصَّرَةُ من الثياب: التي فيها صُفْرة خفيفة؛ ومنه الحديث: أَتى عليٌّ طَلْحَةَ، رضي
الله عنهما، وعليه ثَوْبانِ مُمَصَّرانِ.[b]
منقول :oops: