فلسطينيو 48 يدقون على جدران الصمت العربي امام مشهد اجتياح وتهويد فلسطين

تحيي الجماهير العربية الفلسطينية في فلسطين المحتلة 48 اليوم ، الذكرى السنوية الرابعة والثلاثين ليوم الأرض الخالد في ظلّ تصعيد السياسة الرسمية الاحتلالية المنهجية المعادية لها في مختلف مناحي الحياة.

ففي بيانها الذي اصدرته في هذه المناسبة اوضحت لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب ، ان هذه الذكرى تحل في ظلّ مواصلة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطينيي ، وأكد المشاركون ، خلال نقاشهم ، ان ذكرى يوم الأرض ليست مجرد مُناسبة وطنية عادية ، وأنها ليست عيداً وطنياً للجماهير العربية الفلسطينية في البلاد ، إنما يعتبرها اهلنا يوماً نضالياً كفاحياً وحدوياً يتجاوز الرمزية ، خصوصاً في وجه سياسة المؤسسة الإسرائيلية التي تستهدف وجود وحقوق الجماهير العربية القومية منها والمدنية ، وان هذه المناسبة تأتي في ظل أحلك الظروف وأكبر التحديات التي تواجه الفلسطينيين في مختلف مَناحي الحياة ، لاسيما على مستوى الأرض والبناء وتنامي مظاهر العنصرية والفاشية ، الشعبية منها والرسمية ، إضافة الى قضايا التمييز العنصري كما يتجلّى في التعامل الحكومي مع السلطات المحلية العربية..

فوفق احدث معطيات ووقائع ما يجري على ارض فلسطين المحتلة ـ 48 فان دولة الاحتلال ليست فقط لم تتوقف عن مشاريع المصادرة والتهويد ضد الارض والمكان العربي الفلسطيني ، بل صعدت من هجومها وحربها الشاملة على اهلنا هناك ، بهدف الاجهاز استراتيجيا على القضية تاريخيا وجغرافيا وتراثيا.

النائب العربي جمال زحالقة قال خلال مظاهرة في اللد "إن معركة الفلسطينيين في الداخل هي الحفاظ على الوجود العربي الفلسطيني في مدن الساحل ، عكا وحيفا ويافا واللد والرملة".
وأوضح: "في اللد والرملة تحاول السلطة التحكم في الديمغرافيا والجغرافيا ، فنسبة العرب في مدينة اللد وصلت الى 40 في المئة ، وهذا يقلق السلطات التي تقوم بمساع محمومة لهدم بيوت عربية وبناء مساكن لليهود الحريديم ، وهي تحرم العرب من رخص البناء بهدف ترحيلهم". وخلص زحالقة إلى القول: إن الوجود العربي في اللد سابق لإقامة دولة اسرائيل ، الحق في المسكن هو فوق كل القوانين ، خصوصاً وإنها قوانين التمييز الإسرائيلي. فمؤسسة التخطيط في اسرائيل هي أسوأ وأخطر مؤسسة نواجهها ، فهي أسوأ من جهاز الشاباك والشرطة.
مرتكزات الاستراتيجية الصهيونية ما يعيدنا هنا الى الجذور والبدايات ، فمنذ البدايات الأولى لنشوئها ، تبنت الحركة الصهيونية العالمية كما هو معروف مشروع "إقامة الوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين" ، ولم يكن متاحاً لتلك الحركة تحقيق ذلك المشروع الأكبر إلا عبر ثلاث وسائل أساسية أو ركائز محورية استندت إليها الاستراتيجية الصهيونية -الاسرائيلية في المراحل المختلفة وهي :

الأولى : الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي العربية الفلسطينية .
الثانية : حركة الهجرة والتهجير المستمرة المتدفقة إلى أرض فلسطين .
الثالثة : إحلال القادمين ـ الغزاة اليهود الجدد مكان الشعب الفلسطيني وتوطينهم في أرضه ووطنه .
فقد جاء على سبيل المثال في قضية الاستيلاء على الأرض ، واستيطانها في الأدبيات الصهيونية :
أن ملكية الأرض الخاصة بالمناطق التي تمنح لنا ، يجب أن ننتزعها تدريجياً من أيدي أصحابها ، ويجب أن نحاول نقلهم بهدوء إلى خارج الحدود وإيجاد العمل لهم في الأقطار التي ينقلون إليها ولكن في بلادنا يجب أن نحرمهم من العمل ، ويجب نقل ملكية الأرض وتهجير السكان بليونة وحذر - من محاضر المؤتمر الصهيوني الأول ـ القدس ، رؤوبن ماس 1946 ـ ص 42 - 44 ".

وجاء في دستور الوكالة اليهودية في المادة الثالثة منه :"تستملك الأراضي كملك لليهود وتسجل باسم صندوق رأس المال اليهودي ، وتبقى مسجلة باسمه إلى الأبد ، كما تظل هذه الأملاك ، ملكاً للأمة اليهودية غير قابل للانتقال - أميل توما ، جذور القضية الفلسطينية ، ص 180 - 181".

وجاء على لسان "رعنان فايس" رئيس الاستيطان في الوكالة اليهودية سابقاً :"إن مخططي الاستيطان الصهيوني عملوا على أساس أن حدود المستقبل للدولة اليهودية يجب أن تعين من خلال أنظمة من المستوطنات السكانية تبدأ كنقاط استيطانية ، وتأخذ بالتوسع لأكبر مساحة ممكنة من الأرض -صحيفة الجروزلم بوست الإسرائيلية ، عدد 12 ـ 9 ـ 1997".
وقبل ذلك كان ورد في مذكرات نبي الصهيونية الأبرز ( هرتسل ) :"إن الحركة الصهيونية منذ نشأتها كحركة سياسية وضعت أمامها هدف الاستيلاء على الحد الأقصى من الأرض كحتمية لإقامة دولة يهودية كبيرة - أنظر كتاب الفكر الصهيوني وإقامة دولة إسرائيل ، دار الجليل ، عمان 1986".

بينما كان فلاديمير جابوتنسكي الأب الروحي لليمين الإسرائيلي منذ نشأته قد ربط ثلاثية الأرض والهجرة والاستيطان بمعادلته التالية :
" هدف الصهيونية -الدولة اليهودية
الأسلوب - الاستعمار الجماعي
مساحة الأرض - لا حدود -
- عن دراسة : الاستعمار الاستيطاني الصهيوني ، صحيفة الرأي الأردنية ، عدد 2 ـ 2 ـ 1989".

كل هذه وغيرها الكثير الكثير من الاقتباسات الموثقة في الأدبيات السياسية والأيدولوجية الصهيونية - الإسرائيلية ، تقودنا إلى الخلاصة المكثفة التي تؤكد جدية العلاقة بين ثلاثية "الأرض والهجرة والاستيطان"في الاستراتيجية الصهيونية بشكل عام ، وفي السياسة الرسمية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وصولاً إلى حكومة نتنياهو الراهنة .
ولذلك حينما نتابع في هذه الايام ان دولة الاحتلال تشن هجوما تهويديا جديدا متجددا على ما تبقى من الارض العربية في الجليل والنقب ، فان ذلك غير مفاجئ ، اذ عمليا لم تتوقف تلك الدولة عن مواصلة حملاتها التهويدية للمكان العربي الفلسطيني ، ولم تكتف عمليا بما انتزعته وهودته من الاراضي العربية في فلسطين 48 ، بل هي تواصل وعلى نحو هستيري حملاتها الرامية الى تهويد ما تبقى من الارض هناك...،حرب استراتيجية على الارض والسكان والهوية وفي اطار حربها على الارض والسكان والهوية لم تتوقف سلطات الاحتلال عمليا منذ عام 1948 عن وضع المخططات والمشاريع المجحفة ضد السكان العرب ولم تتوقف كذلك عن افتعال القوانين والذرائع التبريرية لتنفيذ تلك المخططات والمشاريع الرامية أساساً وقبل كل شئ إلى تجريد من صمد من الفلسطينيين في المناطق المحتلة 1948 ، مما تبقى في أيديهم من أرض ، وإلى تهويد تلك الأراضي وزرع المستعمرات وإقامة المدن والقرى الاستيطانية فوقها ، وإلى محاصرة السكان العرب في أماكن تواجدهم وسكنهم والحيلولة دون الامتداد العمراني الذي يحتمه ويستلزمه تكاثرهم الطبيعي ، وعلاوة على كل ذلك ، استهدفت"إسرائيل"تجريدهم من مقومات وجودهم وصمودهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، بغية إجبارهم على الانكماش والتراجع وترك الأراضي والممتلكات ، و ـ أو الانتقال إلى سوق العمل السوداء تحت سطوة ورحمة أرباب العمل الإسرائيليين .

ومن اخطر معطيات الصراع على الارض ، ان دولة الاحتلال نجحت في الاستيلاء على الارض الفلسطينية ، اذ لم يبق بين ايدي العرب سوى2% فقط من مساحة فلسطين".
 «إسرائيل» تمتلك ? من الأراضي العربيةوفي سياق المعطيات المتعلقة بالاستيلاء على فلسطين كشفت دراسة فلسطينية متخصصة "أن السياسة التخطيطية وسياسة إدارة الأراضي التي انتهجتها وتنتهجها إسرائيل منذ قيامها لم تترك مجالا للشك بأن تهويد الأرض هو أحد أهم ميزات الدولة الحديثة في إسرائيل ، فالدولة التي تدَّعي الديمقراطية تفتقر اليوم إلى سوق أراض ، . ولا توجد دولة في العالم "تمتلك" بموجب قوانينها الغريبة ، أكثر من ? من مساحتها تحت تعريف "أراضي دولة"" ، وأكدت الدراسة "أن الأرض في إسرائيل لا تباع وإنما تستأجر لمدة 49 سنة وتبقى ملكيتها في كل الحالات للدولة ، وقد سنت إسرائيل جميع القوانين رغم غرابتها لتضمن استيلاءها على معظم أراضي الفلسطينيين ، ويُجمع الفلسطينيون على "أن يوم الأرض في العام 1976 شكل نقطة تحول في الصراع على الأرض بين المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة والعرب الفلسطينيين" ، وقالت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية الفلسطينية في فلسطين 48 في دراسة أعدتها تحت عنوان "التصور المستقبلي للعرب الفلسطينيين في إسرائيل" "أن المشاكل التي تواجه العرب الفلسطينيين كثيرة ومتشعبة ، لكن تبقى قضايا الأرض والتخطيط والبناء هي الأساس والعنوان الرئيس لنضال الفلسطينيين في العقدين القادمين".

وحسب الدراسة :"لا شك أن الصراع على الأرض كان وما زال في لبّ الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني منذ ظهور الحركة الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر ، فقد جندت الحركة الصهيونية منذ نشأتها مقولات دينية وعلمانية لإقناع الشعب اليهودي والعالم بأسره بحقها في فلسطين التاريخية ، مصطلحات توراتية كـ"الأرض المقدّسة" و"أرض إسرائيل" امتزجت مع مقولات عَلمانية مثل "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ، وكانت بمثابة الوقود الذي حرّك عربة الصهيونية وتوحيد" يهود الشتات" وربط مستقبلهم بفلسطين".
وبينت الدراسة "أن القضايا المركزية الأساسية التي يواجهها العرب الفلسطينيون في إسرائيل هي: استمرار التمييز القانوني العنصري ، تهويد الحيّز العربي ، تكاثر سكاني مقابل حيّز يتقلص تدريجيًا ، تقسيم الدولة الإداري (مناطق نفوذ السلطات المحلية) ، عدم المشاركة في صنع القرار ، التخطيط الهيكلي غير المناسب ، وهدم البيوت العربية الفلسطينية" .
المخططات الى حيز التطبيق في الجليل والنقبوهكذا - وفق احدث التقارير والابحاث العربية في فلسطين 48 فان "الاستيطان التهويدي ، بما في ذلك إنشاء البؤر الاستيطانية ("غير القانونية" بحسب القاموس الإسرائيلي الرسمي في ظاهره) ، لم يعد يقتصر على الضفة الغربية المحتلة فقط ، بل وُجد وبشكل حثيث في مناطق تقع داخل فلسطين (48 الخط الأخضر) ، وخصوصا في منطقتي الجليل والنقب".

واستنادا الى كل ذلك ايضا نقول ثانية وثالثة .. والى مالا نهاية : تبقى الأرض في ذكرى يوم الأرض عنوان القضية والصراع والمستقبل ، هكذا كانت منذ البدايات الأولى للصراع العربي ـ الفلسطيني - الصهيوني على أرض فلسطين .. وهكذا استمرت وبقيت العنوان العريض والكبير والاستراتيجي لكل ما يجري هناك على أرض فلسطين من صراعات وصدامات ومواجهات دموية أحياناً أو غير دموية أحياناً أخرى .

فمعركة الأرض حملت معها دائماً كل العناوين الأخرى وكل العناصر والأبعاد الأخرى المتعلقة بالعقيدة والهوية والانتماء والتاريخ والحضارة والجغرافيا والمستقبل ... مستقبل هذا الشعب العربي الفلسطيني ومستقبل هذه الأمة في العمق والأفق الاستراتيجي ، ذلك أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تشكل بلا شك خنجراً مغروزاً في خاصرة الأمة إلى حين ...
ومن هنا وعلى هذه الأرضية الواضحة الراسخة لم يتوقف الصراع على الأرض الفلسطينية إطلاقاً ، وبالتالي كانت انتفاضة يوم الأرض في الثلاثين من آذار 1976 حيث خرجت كل الجماهير العربية الفلسطينية هناك في عمق الداخل الفلسطيني ، في الجليل والمثلث والنقب لتعلنها انتفاضة عربية عارمة ضد لصوص الأرض والتاريخ ...
مشروع تهويد الجليل وانتفاضة يوم الارضنظراً لأهمية منطقة الجليل الإستراتيجية والسكانية والاقتصادية ، وتحسبا من استمرار التكاثر السكاني والمد العمراني والزراعي العربي في المنطقة ، دأبت السلطات الإسرائيلية على اتخاذ الإجراءات والخطوات الحصارية والتهويدية ، فقد أقدمت على تنفيذ مجموعة من الإجراءات كان من أبرزها ما عرف بـ" مشروع تطوير الجليل"الذي يرمي في الحقيقية إلى تهويد الجليل وليس تطويره ، وكان ذلك في شباط ـ فبرير 1976 ، حيث كان متصرف اللواء الشمالي آنذاك"يسرائيل كينغ"وراء المشروع محذراً من المشكلة الديموغرافية في الجليل والانتماء القومي العربي ، ودعا كينغ إلى تهويد العمل والاقتصاد والتعليم والقانون والأرض ، وقد جاء في المشروع :"القضية الخاصة بالجليل هي قلة السكان اليهود بالنسبة إلى غير اليهود الذين يؤلفون (70%) من مجموع السكان وفي أطراف الجليل هناك (40) ألف من السكان غير اليهود يقطنون ضواحي حيفا وعكا وطمره وشفا عمرو" ، أما أهداف مشروع تهويد الجليل فكانت -وما تزال - :

" تغيير الوضع الديموغرافي الراهن بين السكان اليهود وغير اليهود بواسطة مشروع تطوير طويل الأمد أهدافه هي :
تحويل إقليم الجليل الجبلي إلى منطقة ذات أكثرية يهودية .
ضمان توزيع صحيح للسكان اليهود في الجليل .
تعزيز اقتصاد السكان الموجودين فيه"

وكما هو معروف أدى مشروع تهويد الجليل ، والأمر الذي صدر في 12 ـ 2 ـ 1976 بمصادرة حوالي (20) ألف دونم من أراضي قرى عرابة وسخنين ودير حنا ، أدى إلى الانتفاضة الشعبية الرافضة في 30 ـ 3 ـ 1976 ، والتي سقط فيها ستة شهداء وأصيب عدد كبير آخر من المواطنين العرب واشتهرت لاحقا باسم"يوم الأرض".
ومواصلة لتنفيذ أهداف مشروع تهويد الجليل ، أصدرت السلطات الإسرائيلية الأوامر والقوانين الكثيرة المتلاحقة كان من ضمنها"قانون الجليل"الذي أقره الكنيست الإسرائيلي بالأغلبية الساحقة يوم 19 ـ 12 ـ 1989 ، وقد صوت إلى جانب القانون كل الأحزاب تقريباً" ، وقد أقر هذا القانون الجديد على خلفية اختلال التوازن السكاني في الجليل لصالح السكان العرب ، ويهدف إلى تنفيذ مضمون ما ورد في مشروع تهويد الجليل ، وفي هذا الصدد يجدر التنويه هنا بأن المصادر الإسرائيلية أشارت إلى اعتزام السلطات الإسرائيلية توطين أعداد كبيرة من القادمين اليهود السوفيات في منطقة الجليل أيضاً ، وقد أكد ذلك اسحق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه بقوله :"لقد جاء ترومبلدور وأصدقاؤه من روسيا ، والآن يأتي عشرات الآلاف ، وسيأتي عشرات الآلاف في أعقابهم للجليل أيضاً من أجل استيطان المستوطنين هناك وتعزيزها ".

وفي أعقاب ذلك وبعد فترة وجيزة أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط الإسرائيلي آنذاك دافيد مغين"أنه ولأول مرة ، سوف يشهد الجليل تحولاً ديموغرافياً ، يصبح فيه اليهود أكثرية اعتباراً من آذار ـ 1991 ") ، وأشار مغين إلى"استيعاب 28 ألف مهاجر يهودي جديد في الجليل ، ليرتفع عدد اليهود فيه إلى 388 ألفاً ، ليتقلص الميزان الديموغرافي إلى 49,5% من سكان الجليل من اليهود ، مقابل 51,5 % من العرب ".

وفي آذار ـ 1998 كشفت مصادر صحافية عبرية النقاب عن"خطة حكومية إسرائيلية جديدة تستهدف حرمان المواطنين العرب في مناطق الـ 48 من حقهم في استغلال مساحات شاسعة من الأراضي الواقعة في مناطق تجمعاتهم في الجليل والنقب ، وأن وزير البنى التحتية - آنذاك - شارون وضع خطة تقضي بنقل ملايين الدونمات الخاضعة لمسؤولية الحكومة ، تحت مسؤولية الوكالة اليهودية"وفي أيار ـ 1985 ، أشار المهندس الفلسطيني يوسف جبارين إلى"أن هناك مدينة يهودية في طور التخطيط سيطلق عليها اسم عيرون مثبتة في الخريطة اللوائية لمنطقة حيفا رقم 35 ، وهي تتواصل جغرافياً مع مناطق النار 105 ، 107 ، 109 .وأشار إلى"أن الوكالة اليهودية بدأت منذ 1967 بتخطيط استيطاني في المنطقة ، الأمر الذي تزامن مع إغلاق منطقة النار 109 ، التي بلغت مساحتها 10 آلاف دونم ، وفي الثمانينيات أعلن شارون عن مخطط"النجوم السبعة"الذي تزامن أيضاً مع إعلان منطقة نار جديدة هي منطقة 105 ".
تهويد النقب تعتبر عملية تهجير عرب النقب من أهم مشاريع التهويد لتي وضعت ونفذت على نطاق واسع حيث اعتبرت هذه المنطقة من وجهة النظر الإسرائيلية موقعاً طبيعياً لتطوير الصناعة والسياحة والزراعة ، وبالتالي استيعاب مئات الآلاف من المهاجرين والمهجرين اليهود القادمين من شتى أنحاء العالم ، وفي إطار خطتها الرامية إلى تهويد النقب بالكامل والاستيلاء على الأرض وتهجير أو عزل أصحابها الأصليين ، عملت سلطات الكيان الإسرائيلي على تجميع فلسطيني النقب الذين أصبح عددهم اليوم يتراوح بين 150( - )160 ألف عربي ، في (7) تجمعات سكنية محاصرة مفصولة عن بعضها البعض وذلك بعد"أن تمت مصادرة كل أراضيهم البالغة مساحتها أكثر من مليونين ونصف المليون دونم زراعي قبل العام 1948 ، ولم يبق منها بين أيدي السكان العرب الآن سوى حوالي (150) ألف دونم فقط ، تسعى تلك السلطات للأستيلاء عليها أيضاً ، وقد شرعت السلطات في تنفيذ مشروع تجميع عرب النقب في التجمعات السكانية السبعة منذ نهاية الستينيات ، أما التجمعات فهي : راهط وهي أكبر تجمع سكاني عربي في النقب ، ثم تل السبع ، وبعده عرعرة ، واكسيفة ، ثم الشقيب ، وأخيراً اللقية وحورا"
ورغم إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تهويد ما تبقى من أراضي النقب بأيدي الفلسطينيين هناك فإنهم صمدوا وتحدوا وبقوا ، وما يزال الصراع مستمراً ضد محاولات تلك السلطات وبالذات في أراضي تل المالحة ، والمدية وعرب الزبيدات وعرب السراديح وغيرها.

وتتحدث المصادر العربية عن انه "تم مؤخرا إطلاق حملة إعلامية واسعة غايتها تشجيع العائلات اليهودية في إسرائيل على الانتقال للسكن في النقب ، ضمن مشروع تهويده ، بمعنى زيادة نسبة السكان اليهود فيه ، ورغم أن عددا من المستوطنات ، في النقب ، يتم إنشاؤه من دون التقيد بالخريطة الهيكلية العامة لإسرائيل ، المعروفة باسم "تاما - "35 ، إلا أن عدة دوائر حكومية تسهم في إنشاء هذه المستوطنات بالإضافة إلى هيئة خاصة واحدة هي جمعية "أور - الحركة من أجل المهمات الوطنية في أرض إسرائيل".
حملة قديمة - جديدة - 18و قانونا للترحيلوفي هذا السياق ايضا جاء في تقرير لمراسلة العرب اليوم الاردنية في الناصرة "ابتهاج زبيدات":

" انه منذ العام 1948 والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة تحاول ترحيل عرب النقب وان قسما ضئيلا منهم رحلوا ، لكن الغالبية العظمى منهم صامدون ، يأبون الرحيل ، واليوم يبلغ عددهم 145 ألف نسمة ، 85 ألفا منهم في النقب والباقون في الشمال "الجليل" والوسط "المثلث" ، وتوثق زبيدات ايضا :"ان الحكومات الاسرائيلية سنت 18 قانونا خاصا لمصادرة أراضي عرب النقب ، كما اقامت عبر التاريخ العديد من اللجان الحكومية التي فاوضتهم على حلول وسط ، بعضهم قبلوا بذلك ورضخوا ، وغالبيتهم رفضوا ، وقضيتهم رفعت الى مجلس الأمن القومي وكأنهم يشكلون خطرا على الأمن القومي لاسرائيل ، فقرر هذا امهالهم سنتين ، فإذا وافقوا على الرحيل يقبضون التعويضات المالية ، واذا لم يقبلوا ولم تقبل الحكومة بحل وسط معهم ، فإنهم سيخسرون أراضيهم وبيوتهم والتعويضات أيضا".

وقد ذهبت سلطات الاحتلال الى التهديم الشامل للمدن والقرى العربية ، اذ بعد ان قامت بتهديم 480 قرية عربية في فلسطين عام 48 وبعدها بقليل ، فقد اقدمت كذلك على هدم حوالي 10 آلاف بيت عربي حتى الآن ، كما ان هناك اليوم في فلسطين 48 نحو 250 ألف فلسطيني ممن أصبحوا لاجئين داخل الوطن ، يسكنون في بلدات مجاورة لبلداتهم المهدومة ، ويطلون في كل صباح وكل مساء عليها ولا يستطيعون السكن فيها ولا حتى زيارتها ـ عن مصادر اعلامية فلسطينية ـ و ابتهاج - مصدر سابق"..
وهكذا - فالترحيل والمصادرة والهدم هي دين السياسة الاسرائيلية وديدنها ، ولم تتوقف الدولة الصهيونية عن اقتراف ابشع الجرائم التهديمية والترانسفيرية على هذا الصعيد.
42 ألف بيت عربي مهدد بالهدم في النقب اهيك عن ان دولة الاحتلال تهدد ما لا يقل عن 42 الف منزل عربي في النقب بالهدم ، اذ قال رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب" حين رفايعة""ان وزارة الداخلية الإسرائيلية تقدر عدد البيوت المرشحة للهدم بحوالي 42 ألف بيت في الوسط العربي في النقب وحده ، علما أن هذه البيوت تأوي حوالي 85 ألف نسمة من العرب".

وحديثا جدا شهدت قرية "طويل أبوجرول" غير المعترف بها في النقب ، جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 عمليات هدم وإجلاء ، ومصادرة ممتلكات من قبل سلطات الإحتلال.
فقالت مصادر فلسطينية في النقب: "إن هذه المرة الحادية عشرة التي تشهد فيها هذه القرية عمليات هدم ، حيث بقي السكان في العراء بدون ممتلكاتهم"، وأضافت"ان عمليات الإجلاء هذه جاءت تلبية لمطالبة جهات عنصرية يهودية باستعمال هذا الأسلوب مع عرب النقب على غرار إجلاء مستوطنات قطاع غزة".

وأشارت إلى "أن هذه الخطوة الإسرائيلية خطوة نحو التصعيد في مجال هدم البيوت العربية و"تهويد النقب" وجاءت في ضوء المراوغات الإسرائيلية القاضية إلى إفراغ الأرض من سكانها العرب لصالح السكان اليهود ، وبعد إعلان وزير البناء والإسكان عن وقف الهدم إلى ما بعد الأعياد اليهودية".

وقال النائب العربي في الكنيست طلب الصانع"ان الحكومة ودائرة أراضي إسرائيل تريد الاستيلاء على الأرض وما تقوم به من عمليات هدم هو تطهير عرقي وترانسفير للمواطنين العرب في النقب" ، مشيرا إلى "أن عملية هدم البيوت لعائلة الطلالقة تكررت عدة مرات ، إلا أن هذه المرة كانت عملية الهدم وحشية، حيث قاموا بتحميل جميع الممتلكات ومحتويات البيوت والمواشي بواسطة شاحنات وأخذها إلى ميناء "اشدود" حيث يتم مصادرتها ، كما أن السلطات قامت بتفجير صهاريج المياه بنية تخريبها حتى لا يتم إحضار مياه الشرب للأهالي".
ورغم إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تهويد ما تبقى من أراضي النقب بأيدي الفلسطينيين هناك فإنهم صمدوا وتحدوا وبقوا ، وما يزال الصراع مستمراً ضد محاولات تلك السلطات وبالذات في أراضي تل المالحة، والمدية وعرب الزبيدات وعرب السراديح وغيرها.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة"معاريف"على لسان البروفسور يرمياهو برنوير قولة :"إنه من المتوقع أن يتم توطين حوالي (250) ألف مهاجر يهودي جديد في منطقة النقب"بينما اشار شارون الى توطين مليون يهودي . وهكذا يتبين لنا في الحصيلة ان دولة الاحتلال لم تكتف عمليا بما هدمته من قرى ومنازل عربية وبما صادرته من اراض وممتلكات ومن حضارة وتراث وتاريخ ، ولم تكتف ايضا بتهويد الجغرافيا والتاريخ، وانما تخطط وتبيت وتسعى لاقتلاع وترحيل من تبقى من اهل فلسطين بوسائل مختلفة ، و تسعى لالغاء وجودهم تاريخيا ووطنيا وسياسيا وحقوقيا.

وبيت القصيد هنا في هذا الصدد ونحن امام الذكرى الرابعة والثلاثين ليوم الارض ، ان فلسطين من البحر الى النهر باتت في هذه الايام تحت مخالب الاغتصاب والتهويد والاقتلاع والترحيل وهذه العملية تجري مع بالغ الحزن والقهر تحت مظلة "عملية السلام" في هذه المرحلة.... وعلى مرأى من العالم العربي والمجتمع الدولي...وان اهلنا هناك عرب 48 يدقون على جدران الصمت والعجز العربي امام مشهد اجتياح وتهويد فلسطين

دلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

يا رب امـــــــــــــــــــــــين

يفك اسرهم ويحرر ارضهم

مشكور حسام ومنور يا غالي