إعلم أنّ:
الظلم في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه.
وفي الشريعة: عبارة عن التعدي عن الحق إلى الباطل وهو الجور.
وقيل: هو التصرف في ملك الغير ومجاوزة الحد.
..............لف الحكماء في تعريف الظلم فكانوا على نوعين:
النوع الأول
يقول إنّ الظلم طبيعة في الإنسان تظهره القوة الخفية ويخفيه الضعف.
وقد سار بيت المتنبي فيه مَسير المثل إذ قال:
والظلم من شيم النفوس فإن = تجد ذا عفـّـة فلعلـةٍ لا يظلـم (1)
قال بعض الحكماء:
الظلم من طبع النفس وإنما يصدها عن ذلك إحدى علتين:
إما علة دينية كخوف معاد.
وإما سياسة كخوف السيف.
والنوع الثاني
قيل إن الظلم من لؤم الطبع وخبث النفس وضعف الوازع الديني والخُلقي,
ودليلٌ على تجرد من اتصف به من خصال الكرم والمروءة وصفات النبل والفضيلة,
وبرهانٌ على ذهاب نور الإيمان من القلوب,
ومحاربة من حرّم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً بدليل قوله تعالى:
(وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)
ولو فكر الظالم ملياً وراجع نفسه ورجع إلى ضميره لعَلِمَ أنه فعَل أمراً تنكره الشرائع.
وقد جاء في الأثر:
الظلم ظلمات يوم القيامة
وهناك ظلم يختل منه النظام وهو ظلم الولاة للرعية
فإذا نشأ هذا الظلم في أمة كان دليلاً على فنائها وزوالها ومحوها من سجل الأمم
ونزل بأهلها من العذاب ما لم يكونوا يحتسبون
والسلطات ظل الله في الأرض يأوي إليه كل مظلوم من عباده
فإن عدل كان له الأجر وكان على الرعية الطاعة والشكر
وإن جار وظلم كان عليه الوزر وعلى الرعية الصبر.
وفي الأثر:
ما من عبدٍ يستر عليه الله عز وجل رعية يموت يوم يموت وهو غاشٍ لرعيته إلا حرّم الله تعالى عليه الجنة.
وقال عليه السلام:
إن الله مع القاضي ما لم يَجُرْ فإذا جارَ تخلى عنه ولازمه الشيطان.
وصدق الله العظيم بقوله:
مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ
وأعظم الظلم ماقاله بعض الملوك قوله:
من والانا أخذنا ماله ومن عادانا أخذنا رأسه.
وقال الحكماء:
الظالمون ثلاثة:
من تواضع لمن لا يُكرمه.
ورغب في مودّة من لا ينفعه.
ومدح من لا يعرفه.