وذلك أن القرآن الكريم كلام الله تعالى، ولن يتأتى لنا فهم كلام الله أو تتشرب نفوسنا ببركاته وخيراته وفتوحاته إلا إذا اقتربنا من قائله سبحانه وتعالى، عندئذ نستطيع أن نفهم مرادات الله من كلامه ومقاصده من تشريعه، وغايته مما يحلل أو يحرم.
والطرق الموصلة إلى معرفة الله تعالى كثيرة ومتعددة، وليست محصورة في عدد معين، ويمكنني أن أقسم هذه الطرق إلى طريقين:
الأول: طريق الكتاب المنظور؛ ذلك لأننا إذا أمعنا النظر في هذا الكون الواسع الفسيح وجدنا أن كل شيء فيه دليل واضح على وجود الله، وطريق إلى معرفته سبحانه، وإذا تجاوزت نظرتنا النظرة المادية الظاهرية للأشياء، تلتها نظرة ثاقبة وفاحصة تصل إلى بواطن الأشياء، وقد قال تعالى: "قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ" [يونس : 101].
الثاني: كتاب الله المسطور، وهو القرآن الكريم، فهو دليل التعامل مع كتاب الله المنظور "الكون"، وكتاب الله المنظور هو برهان الإيمان بكتاب الله المسطور، فكلا الكتابين لا غني عنهما في الوصول إلى رب العالمين، وبلوغ سعادة الدارين، فهذه المعرفة وذلك القرب من الله تعالى يؤهل المؤمن لفهم كتاب الله وقراءته قراءة مبنية على الدليل والبرهان، ومؤسسة على الفهم والبصيرة.